التجار الحضارم بين اﻷمس واليوم.. ضمائر كانت حية ثم ماتت


عبدالحكيم الجابري:
لقد عرف اجدادنا نحن الحضارمة منذ زمن بعيد بحنكتهم التجارية وفطنتهم العالية في تصريف وتنمية اﻻﻷموال فأقام العديد منهم امبراطوريات مالية في الداخل والخارج، وبرزت العديد من البيوتات التجارية والمالية الحضرمية كراسماليات فاعله ومؤثره ليس فقط على مستوى اﻻقتصاديات العربية انما ايضاعلى المستوى العالمي، ولست مضطرا هنا الى ذكر نماذج من هذه البيوتات ﻻنها مشهورة ومعروفه.
لم يبني الحضارمة مجدهم التجاري والمالي اﻻ بعد أن أمسكوا بخيوط النحاح وسلكوا سبل التفوق الصحيحة والسليمه، وأقاموا أنشطتهم تلك على أساسات صلبه من الصدق واﻷمانة والحرص الشديد على الكسب الحﻻل بعيدا عن أساليب الشطارة المشبوهه أو الطرق غير المشروعة في تحقيق المكاسب واﻷرباح، الى جانب كل ذلك كان التاجر الحضرمي يقوم باعمال أخرى، أعمال ذات فضل في تنمية تجارته وزيادة البركة فيها كأعمال البر واﻻحسان واشاعة التكافل بين الناس، حيث ان كل تاجر منهم كان يتكفل أسر بحالها ويجود على المحتاجين عوضا عن الدور الذي كان يقوم به التجار الحضارمة في دعم مؤسسات تنمية المجتمع كالجمعيات الخيرية ودور العباده ومراكز تحفيظ وتعليم القرآن الكريم والحديث وباقي المؤسسات المعنية بتربية النشئ والهيئات الرياضية واﻻجتماعية والفنية والثقافية، ﻻيزال الناس يتذكرون دور تجارنا في المراحل القريبة الماضية في دعم اﻷندية الرياضية والثقافية ومساندة المسيرة الفنية واﻻبداعية وتبني النوابغ والمبدعين في مختلف المجاﻻت، يكفي ان نشير الى تبني البعض منهم للعديد من المبدعين كالشعراء أمثال الراحل (باحريز) وغيره، وكذلك دورهم في دعم العمل الصحفي وقد ظهر ذلك بشكل أكبر في المهجر حيث كان التجار الحضارم يدعمون الصحف والمجﻻت العربية التي كانت تصدر في مهاجرهم، اﻻمر الذي ساعد على ازدهار الصحافه ومكنها من أداء رسالتها على النحو اﻷكمل.
كان ذلك صورة لماضي مشرق ومشرف لفئة من الحضارمه الذين أبهروا العالم بادائهم الرائع في تطبيق حكمة المولى عز وجل من خلقه للبشر في عبادتهم له واستعمارهم لﻷرض، صرنا اليوم نفتقد لكثير من اوجهه رغم الظروف الجيدة المتوفرة للتاجر الحضرمي مقارنة بالماضي، وبلغ البعض من تجارنا في ثراءه حد الفحش وان منهم من يموت من التخمة بينما كثير من أهله يموتون جوعا، ومن المعيب ان نسمع ونرى اليوم عدد من تجارنا يتنافسون على شراء أطول اﻷبراج واوسع المطارات واجمل اﻻحياء والمدن السكنية وأفخم الفنادق بينما جميع مناطق حضرموت غارقة في الظﻻم وطرقها مقطعة واتصاﻻتها سيئة، واﻷسوأ من كل ذلك ان المواطنين الحضارم تفتك بهم اﻷمراض بكل أنواعها وتتخبطهم المصائب من كل اتجاه دون ان يفعل المليارديرات الحضارمه شئ ﻻنقاذهم حتى من باب اﻻنسانية والقرباء واﻻنتماء المشترك لهذه اﻷرض الطيبة المسماه حضرموت...